سياسة

مصيبة دارفور والسودان اليوم غياب القيادات الأمينة الصادقة والرشيدة

شوقي بدري

الاستاذ احمد إبراهيم دريج كان أحد قيادات دارفور والسودان المحترمة. القالب الذي كانت تصنع فيه القيادات والخلطة السحرية قد اختفت. ما يؤكد كلامي هذا هو تردي الحالة الامنية الاقتصادية الصحية التعليمية الخ في السودان عامة وفي دارفور خاصة. ليس هنالك بقعة في الوطن يعيش اهلها في هلع خوف فقر مرض حتى وهم داخل المعسكرات مثل اهل دارفور. زعماء دارفور الحاليين هم أكبر لصوص قتلة وظالمين رحم الله الآباء مثل إبراهيم موسى مادبو، والاستاذ احمد إبراهيم دريج الرحمة للجميع.

مصيبة دارفور والسودان اليوم، غياب القيادات الأمينة الصادقة والرشيدة.

الاستاذ احمد إبراهيم دريج كان أحد قيادات دارفور والسودان المحترمة. القالب الذي كانت تصنع فيه القيادات الرشيدة والخلطة السحرية قد اختفت. ما يؤكد كلامي هذا هو تردي الحالة الامنية الاقتصادية الصحية التعليمية الخ في السودان عامة وفي دارفور خاصة. ليس هنالك بقعة في الوطن يعيش اهلها في هلع خوف فقر مرض حتى وهم داخل المعسكرات مثل اهل دارفور. زعماء دارفور الحاليين هم أكبر لصوص قتلة وظالمين الا من رحم ربي. الآباء مثل إبراهيم موسى مادبو، والاستاذ احمد إبراهيم دريج الرحمة للجميع.

اقتباس

اسم دريج الذي طغي على اسم الاستاذ احمد دريج هو تحريف لاسم ديريك البريطاني والذي كان مفتشا وصديقا لوالده. واظن ان دريج قد تأثر كثيرا بذلك البريطاني وبريطاني آخر هو باوستيد الذي عشق زالنجي. وعاش فيها عندما كان المتعلم السوداني، يهرب الي المدينة الكبيرة عند اول فرصة.

لقد اثار دريج اعجابي. ولقد سبق ان كتبت عن ذكائه وترتيب افكاره. وفي المؤتمرات كان يستمع. وبدون ان يسجل كان يقف ويتناول عشرات النقاط بإنجليزية سليمة. ويوافق على بعض النقاط ويفند الآراء. وكأنه محامي يترافع في محكمة عليا.

الرائع ان دريج انسان متصالح مع نفسه. فله تواضع جم، ليس نتاج تصنع. بل تواضع صادق. وله التصاق بالحياة السودانية لم يؤثر فيها تقلده لمناصب رفيعة او رغد عيش وثروة. ولقد عاش في الامارات وأروبا لفترة طويلة. وكنت اراه يتواصل مع الجميع وابناء دارفور خاصة ببساطة وسماحة. وهو ليس بمن يطالب بالسكن الرائع. ولا يهتم بالأكل الفاخر. ولا يبني ابدا اسوارا بيته وبين من هم أصغر سنا، او اقل تجربة.

شاهدته يسكن عن بعض الشباب من دارفور في مالمو السويد. ذكرني بالوفد الفيتنامي الذي اتى لباريس لمفاوضات السلام مع امريكا. وعندما عرضت لهم الليموزينات وافخر الفنادق رفضوها وسكنوا مع الطلاب الفيتناميين وتنقلوا بالمواصلات العامة. لانهم ثوار حقيقيون. .

في إحدى المحاضرات التي شارك فيها مع الشفيع خضر في الدنمارك. اختلفت معه بخصوص ما ذكره عن فترة الحكومة الانتقالية التي سبقت الاستقلال تاريخ الانتخابات والملابسات. واتاني بعد المحاضرة بقامته الفارعة. وقال لي متصنعا الجد … انت مشكلتك شنوا، عاوز شكل؟؟

لقد كتبت ان المشكلة مع دريج انه لا يترك لك فرصة الا ان تحبه وتحترمه. لسوء الحظ، ان دريج عاش ليري دارفور التي كانت تفتقر حتي للمدارس المتوسطة مما جعله يذهب الي الوسط لكي يتعلم تتحطم، ولم يسعد برؤية دارفور التي كان البريطاني باوستيد يتمني لها التطور.

الاستاذ شوقي ملاسي الكاتب السياسي والمحامي طيب الله ثراه، كان يشيد بدريج بشدة ويقول … ود داخليتي وصاحبي. وكان رائعا في الرياضة. واذكر دريج يشيد بحماد توفيق وزير المالية السوداني الاول ومدير البنك الزراعي لمدة طويلة وكان يسكن في العباسية في منزل بالإيجار لأحمد مالك أبو عكاز لأنه عمل معه كسكرتير بعد تخرج دريج. وكان يشيد بنقاء العم حماد توفيق لأنه اتي بعد سنين يبحث عن وظيفة محاسب في إحدى شركات دريج. ودريج تأثر بهؤلاء الكبار وتلك الظروف.

ارجو لدريج اقامة طيبة في وطنه. وعندما اقول دريج حافية، فالغرض ليس التقليل من الشأن ولكن تحببا وتقربا. وبعض الاسماء تكون قصيرة ولا تحتاج لالقاب او مؤهلات. لان خلفها بشر كبار.

اقتباس، من موضوع قديم: 

من الانجليز الاستعماريين الذين اضطهدونا و نهبونا كما يحلو لنا ان نقول، الكولونيل هيو باوستيد قائد سلاح الحدود. خدم بعضهم السودان و أحبوه اكثر منا. باوستيد وهب كل حياته للسودان. كان بطلا للملاكمة و مثل بريطانية في سنه 1920 في الاولمبيات و تخرج من جامعة اوكسفورد، كتب كتابا اسمه رياح الصباح تطرق فيه لحياته في السودان. كان مفتشا لمدينة زالنجي لفتره تقارب العشرين سنه. مثل برميل الذي لستة فترات لم ينقل من امدرمان التي أحبها. كان اهل امدرمان يخرجون في مظاهرات يطالبون ببقائه كل مرة ويهددون الادارة. و أحب باوستيد زالنجي لدرجة انه كان لا يطيق فراقها سوي في فترة الحرب العالمية عندما قاد سلاح الحدود الي اثيوبيا و ذكره الاستاذ محمد خير البدوي في كتابه مواقف و بطولات سودانية و يقول (لقد اهتم بالعمل في انشاء المدارس و تحقيق نظام قويم للعدالة و كبح جماح الإدارة الأهلية و الذين يجنحون الي البطش و ظلم رعاياهم. و عاش في شبه عزله من العالم. و كان يقضي الشهور يجوب المنطقة و يتعرف بأحوالها و يساعد اهلها.

و كتب باوستد عندما كان مفتشا لزالنجي (هناك قناعات قليله اكثر إرضاء  للمرء من قيامه بدور في مساعده بلد او شعب للسير قدما الي حياة يسودها الامن و السلام مع ازدهار الزراعة و التجارة في ظل حكومه نزيهه تحقق العدالة و توفر العناية الصحية للمرضي و التعليم للشباب ).

وكان باوستيد يجد المصاعب في اقناع الشباب النابغين من ابناء منطقة زالنجي بمواصلة الدراسة الي المراحل العليا. فبعد ان أكمل احمد نجل الشرتاي إبراهيم المرحلة المتوسطة بتقارير ممتازة تقول بانه أذكى الطلبة على الاطلاق. اراد باوستيد ان يواصل احمد الدراسة و يصير ابن عمه شرتاي و لكن احمد احتج احتجاجا شديدا و ادعي ان باوستيد يظلمه و يستهين به و كان رده (سيأتي يوم تصبح وزيرا و تذكرني فيه) و في شتاء 1966 بعد 19 عام زار باوستيد احمد إبراهيم وزير العمل في مكتبه في الخرطوم الذي كان اصغر وزير و صار زعيم المعارضة البرلمانية ثم حاكم لإقليم دارفور. انه احمد إبراهيم دريج. و دريج هي تحريف لكلمة قريق المفتش الانجليزي في زالنجي الذي كان صديق والده.

باوستيد كان ابن نبلاء ووالده يمتلك مزرعة ضخمه للشاي في سريلانكا و خاله كان السير موريس هانكي سكرتير مجلس الوزراء البريطاني. اي سوداني يترك اليوم الخرطوم ليعيش لعشرات السنين في زالنجي؟

مستر لانق الشخصية الأسطورية في السودان الذي كان ناظر مدرسة وادي سيدنا و هو ابن لوردات، عمه لورد لأنك و عمه الاخر اسقف انجلترا.

كان متواضعا يأكل مع الطلبة نفس الاكل و في نفس السفرة و يسهر الليل و يجتهد مع الطلبة. و عندما تخرج المظاهرات صارخه (هانق لانق) اي اشنقوا لانق. كان يقف مبتسما في النافذة. كما كان يعتبر حاكما لمنطقة وادي سيدنا يتعبه البدو بمشاكلهم التي لا تنتهي، و هو يتدخل في كل صغيره و كبيره.

هؤلاء مستعمرون، اين نحن منهم. في السبعينات كان القنصل الثقافي في السفارة السودانية في اثينا يونانيا من الذين نشأوا في السودان. يمتلئ مكتبه بالطلبة و مشاكلهم و يجلسون على مكتبه و يعرفهم بالاسم و يناديهم بي (يا ولدي و يا بنتي) و يذهب معهم الي الجامعات و المعاهد و يزعق و يتشاجر مع المسؤولين و يجد لهم اعمال اضافيه عند معارفه. ثم غيروه في منتصف السبعينات بسوداني. و قفل الباب و صارت المقابل بعد تلفون بين العاشرة و الثانية عشر ثلاثة ايام في الاسبوع.

برمبل كان مفتش امدرمان. في السادسة و النصف صباحا يجتمع امام منزله المأمور و نائب المفتش و شيوخ الربع و الحارة و يطوف كل امدرمان. حتي الإندايات و يتأكد من ان المريسة نضيفه و الجرار نضيفه. واعطي رخصه لادم المكوجي شمال الجزر حتي يترك كل الجزارين ملابسهم و المرايل و لا يأخذوها معهم الي منازلهم كي لا تنتقل العدوى لأهلهم.

و الجزار الذي لا يغطي لحمته بملائه نظيفة كل يوم يعاقب او تسحب رخصته. و انتهت الملاريا في زمنه و الحمي الراجعة. و كانت امدرمان ترش بالماء و تزرع الاشجار لمقاومة مرض التهاب السحايا.

و في يوم تأخر نائبه بيلفور فقال له مستاءا (يا خنزير الجحيم، هنالك زرارة مفتوحه في قميصك). فلم يتأخر بعدها ابدا. بيلفور خدم في كل السودان، شماله و جنوبه و شرقه و غربه و وسطه. و عندما كان مفتشا في غرب السودان كان في صدام مع ناظر الهبانية الغالي تاج الدين. و كتب في حكايات كانتربري السودانية ان الغالي كان دائما في خلاف مع قومه لحدة طبعه و ميله لقبول الرشوة الا انه على وجه العموم كان دافئ القلب. و كان بيلفور معجبا بالناظر إبراهيم موسي مادبو الذي كان يعامل بيلفور كابنه.

و صداقته للناظر إبراهيم موسي جعلته يزور الناظر بانتظام عندما حضر للعلاج بلندن في اخر ايامه و كان يناديه عادة (هاي! الولد داك الاسمه بيلي فور) كما كان يناديه الغالي تاج الدين استخفافا. الطريقة التي يكتب بها امثال بيلفور عن حبهم للسودان و تفانيهم في خدمته و تنقلهم في مناطق كان العيش فيها يعتبر جحيما خاصة في العشرينات و الثلاثينات لانعدام الماء و الكهرباء و كل متطلبات الحياة البسيطة.

و الان يموت ثلاثة مليون شخص في السودان بسبب الحرب و المجاعة و غبائنا، فلا بد ان العم الناظر إبراهيم موسي قد اطلق افضل تعليق عند مغادرة البريطانيين للسودان (ركبونا لوري، لا نور لا فرامل لا بوري !!).

عمنا ازرق في امدرمان كان عنده حزب يدعوا الي رجوع الانجليز. انا لا ادعوا الي رجوع الانجليز و لكن الي رجوع العقل. فان ما يحدث الان في دارفور يصعب تصديقه.

كركاسة:

القرار الغريب بنزع الاراضي التي ليست مسورة عبارة عن عملية اسوأ من بناء المستوطنات الاسرائيلية في اراضي العرب بدعوي انها ارض الدولة. الكيزان والجنجويد يعرفون أن الخدمات من كهرباء ماء طرق اضاءة الخ ليست متكاملة. وحتى إذا تم البناء فلا يستطيع المالك أن يسكن. ومن لا يملك المال سيضطر للبيع بتراب الفلوس، وهذا هو المقصود. وهذا ما خطط له الجنجويد لتوطين زبانيتهم. سيشترون ارضي الشعب بالفلوس المنهوبة والمنزوعة او المطبوعة بدون غطاء. لك الله يا وطن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق